قد يستغرب الشخص ـ بحكم جهله أكثر تعاليم الإسلام ـ من التحدث حول المداعبة الزوجية، في نظر الإسلام، مع العلم أن الدين الإسلامي هو الدليل لكل حائر، والمرشد لكل تائه، وبدونه سيعيش الإنسان في ضنك، لهذا تطرق لكل ما يتعلق بالإنسان إما صراحة أو ضمنا، قال تعالى: "مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ"(1) … فكيف نظم الدين الإسلامي المداعبة الجنسية في ظل الحياة الزوجية؟
> كيف عرّف الدين الإسلامي المداعبة الزوجية؟
الأصل
في عقد النكاح أنه على التأبيد، وقد أحاط الله تعالى هذا العقد بتدابير
تحفظ قوامه، وتشد من أزره، بما يوافق الشرع لا بما يخالفه، ويدخل في هذا حل
الاستمتاع بين الزوجين، والمداعبة كمقدمة للجماع ووسيلة من هذه الوسائل إن
تم إتقانها…هذه المداعبة كما عرفها ابن حجر "هي الملاطفة في القول بالمزاح
وغيره" (2) ، والإمام جلال الدين السيوطي : “المباسطة بحيث لا يفضي إلى
أذى. فإن بلغ به الإيذاء فهو سخرية “ (3)
> هل يمكنك الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تطرقت إلى المداعبة الجنسية الزوجية ؟
المتدبر
للقرآن والسنة يجد الاهتمام بالعلاقات الأسرية واضحاً، بما فيها العلاقات
الزوجية على الفراش، قال تعالى: "أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ
الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ
لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ
عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا
كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ"(4)
ويقصد بالرَفَثُ: الجِماعُ. وأيضاً الفُحْشُ
من القول، وكلامُ النساء في الجِماع، وكلُّ كلام يُستَحْيا من إظهاره.(5) ،
وقوله سبحانه وتعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" (6). ومن المعاشرة
في مجالات العلاقات الجنسية المداعبة، التي هي بمثابة الملح في الطعام
وبدونها لن يصبح للقاء الجنسي أي طعم، ويقول سبحانه: " وَلَهُنَّ مِثْلُ
الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ
وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ "(7) وفي هذه الآية، وجوب أن يمتع الرجل زوجته
كما استمتع هو أيضا، ويوصلها للنشوة، ولا يكون أنانياً همه نفسه فقط …أما
الأحاديث النبوية فالعديد منها تطرقت إلى المداعبة، فعن أنس بن مالك رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقعن أحدكم على امرأته كما
تقع البهيمة، وليكن بينهما رسول، قيل: ما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة
والكلام" (8) ، وروي كذلك عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال:"ثَلاَثٌ
مِنَ العَجْزِ فِي الرَّجُلِ"، وذكر منها "أَنْ يُقَارِبَ الرَّجُلُ
جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَيُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهَا
وَيُؤَانِسَهَا ، وَيُضَاجِعَهَا فَيَقْضِي حَاجَتَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ
تَقْضِي حَاجَتَهَا مِنْهُ".(9) .
> ما هي آداب مداعبة الزوج لزوجته؟
على
الرجل إذا أراد أن يأتي زوجته أن يقدم لذلك ويمهد، ويقدر مشاعرها ويتطيب
ويتزين لها كما يطلب منها ذلك، كذلك عليه أن يسمعها عذب الحديث وأن يمتدحها
ويتغزل بها، فهذه الأفعال والتصرفات لها تأثير السحر في الزوجة، قال
تعالى: " وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ " (10) ، وقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة… "، وهذه المقدمات تعد
من أهم وسائل الإشباع العاطفي للزوجين. ونذكر كل زوجين بأن التسامر بينهما
يجعل الليل الطويل قصيراً، حيث تطيب به النفوس ويذهب العبوس والعناء الذي
يلاقيه الزوجان طوال اليوم.
وليعلم جميع الأزواج أيضا أن نظرات الإعجاب
والإطراء من الرجل أهم للمرأة وأدعى إلى الابتهاج من الغذاء وأدوية الشفاء،
فالنساء لا يردن من الرجال أن يفهموهن فحسب، بل أن يحبوهن أولاً، فهن لا
يردن أن يكن مادة للعمل الجنسي فقط ، لأنهن يحلمن دائماً بأن تكون لهن
شخصية محبوبة لدى أزواجهن، وعلى الزوجين أن يبوحا لبعضهما بالمشاعر
الإيجابية التي تثري الحوار وتزيد التفاهم والمحبة بينهما، والحديث عن
الشعور الداخلي تجاه كل منهما للآخر من محبة وامتداح لتصرفات معينة، وعدم
البوح بالمشاعر السلبية، وخصوصاً داخل غرفة المتعة " النوم"، بل إنه قد
يمتدح أحد الطرفين الآخر بما ليس فيه، أملاً في أن يصبح ذلك من خلقه وسلوكه
فينصلح حاله ويستقيم .
> هل هناك خطوات ونصائح في المداعبة يجب على الزوج اتباعها في حياته الجنسية؟
بالنسبة لمداعبة الزوج لزوجته، قبل البدء يجب تهييء الأغراض التالية لأنها من المداعبة:
أولا
: القيلولة مهمة جدا، فقد وردت آثار في الحث عليها، وهي من أحسن الأمور
المعينة على كمال الاستمتاع والانسجام والنشاط والصفاء الذهني، خاصة لمن
يريد أن يقوم بهذا الأمر بعد صلاة العشاء. على أنه لم يسمح للحليلة أن
تتمنع ولو قليلا في أي وقت من نهار أو ليل " في غير الصوم الواجب" عن دعوة
حليلها لها إلى الفراش، حتى ولو كانت مشغولة في إنضاج الطعام .
ثانيا :
اشتر فرشاة أسنان إذا لم تكن عندك ، ونظف أسنانك جيدا خاصة إذا كنت مدخنا،
وأنصحك بتركه على أية حال" بل هو أحد الأسباب المهمة لنفور الزوجة من
القبلات".
ثالثا : وأنت بالحمام اخلع ملابسك واستحم لوحدك، وركز على
منطقة تحت الإبطين وما حول العضو الذكري، وتطيب بأجمل ما عندك من العطور،
وحف شاربك حتى لا يؤذي حليلتك عند القبلة، ويعوقك عن التمتع الكامل، واختر
الرائحة التي تحبها زوجتك لا التي تحبها أنت.
رابعا : أن تكون وجبة
العشاء خفيفة. وقبل أذان العشاء تقوم الأم بإنامة أطفالها قبل صلاة العشاء
يومياً فذلك مهم جدا لنفسية الرجل ونفسيتها .
خامسا : أن تبدأ المداعبة
في وقت مبكر، فإن كان الرجل يريد ذلك بعد صلاة العشاء بدأ بعد الصلاة
مباشرة ، وسيعلما ميزة البدء المبكر إذا جرباه .
سادسا : يستحسن أن لا يكون النور مطفأ، لأن ذلك يسبب النعاس وبالتالي قلة النشاط والاستمتاع.
سابعا
: المرأة تحب أن تسمع من زوجها كلمات تحمل معاني الحب والتقدير والاطمئنان
بأن زوجها باق على وده لها بعد كل هذه السنين من العشرة، وأنه يقدرها ،
وأنها تاج على رأسه، ويمتدح كل شيء فيها، فهذه الأفعال من شأنها أن تؤدي
إلى الإشباع العاطفي بينهما ، وأن يشعرها بأنوثتها من خلال الكلمات
والأفعال واللمسات العاطفية، و يمتدحها إذا لبست فستانا جديداً أو غيرت من
تسريحة شعرها.وأن يعمل على استخدام الكلمات التي تشعرها بحبه وإخلاصه لها
مثل يا حبيبتي ، يا عمري ، أنت أهم شيء في حياتي ولا أستطيع أن أعيش من
دونك…وكذلك التغزل بمفاتنها وملابسها وامتداح أعمالها وشكرها عليها،
بالإضافة إلى تقديم بعض الهدايا لها في المناسبات، وتبادل التهاني معها.
ثامنا
: الإنعاظ في النساء بظري وليس مهبلي في غالبية الأحوال، لهذا لابد من
مداعبة البظر باليد التي بها يقع المقصود أكثر، وليس بالفم ولا باللسان.
واللذة التي تستشعرها المرأة تأتي من هذه الحركات للبظر وما يتصل به من
أجزاء مجاورة للفرج وليست من إيلاج القضيب للمهبل دون البظر.
تاسعا: أن لا تسمع منه أو تحس أنه مستعجل ، وأنه يريد إنهاء عملية الجماع بسرعة، فذلك يؤثر سلبا على الزوجة ويحرمها حقها.
عاشرا:
للقبلة وقعها الفعال والكبير على قلب المرأة بالتحديد، فالرجل بطبيعته
الخشنة يميل إلى التقبيل القوي والسريع , بينما تميل المرأة إلى التقبيل
الرقيق والهادئ! كذلك فإن المرأة تعتبر القبلة غاية في حد ذاتها , فهي تعشق
القبلة التي من خلالها تحس بأنها محبوبة ومرغوبة, وهناك من النساء من
يفضلن التقبيل على الجماع نفسه ! بينما ينظر الرجل للقبلة على أنها وسيلة
ومقدمة للجماع فقط، لذلك على الرجال التنبه لهذه النقطة وهي بدء التقبيل
بالقبلات الرقيقة والناعمة والإكثار منها، وهنا أقصد بالإكثار ( كما ونوعا )
, فالتقبيل الخالي من المشاعر والحب لا يفي بالغرض المطلوب.
وتجدر
الإشارة إلى أن على الزوج بعد قضاء حاجته من زوجته أن لا يتولى عنها، كأنها
متاع استفيد منه، وبعد ذلك استغني عنه، ولكن يداعبها حتى تقضي حاجتها ،
فعن النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا جامع الرجل أهله فليصدقها، ثم إذا قضى
حاجته فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها " .
> وماذا عن حقوق الزوج في الاهتمام والمداعبة من زوجته؟
يمكن للزوجة أن تكتسب حب زوجها وامتداحه لها ومداعبته لها ، بأن تستفيد من النصائح التالية:
أولا: أن تحضري له عشاء رومانسيا يحتوي على الأصناف التي يفضلها.
ثانيا: أنهي أعمالك المنزلية كلها قبل عودته من عمله.
ثالثا:
أن تكوني متزينة كامل الزينة من لباس وعطر وماكياج.وتزيني بأفضل ما لديك،
وتعطري له بالعطر الذي يفضله، واحرصي على اللباس الذي يبدي مفاتن جسمك
كالشفاف والضيق…
رابعا: احرصي على إظهار مشاعرك الدافئة نحوه في عبارات
رقيقة. وحاولي أن تبادري زوجك ولو لمرة كل حين بطلبه للجماع حتى تشعريه
بأنه مرغوب فيه ومثير، وحتى تعرّفيه أيضا أنك تحتاجينه وتحتاجي لحضنه
الدافئ .
خامسا : وجهي اهتمامك إلى غرفة النوم "غرفة المتعة"، واحرصي على أن تجعليها دائماً كما كانت يوم زفافكما.
سادسا : عطري أيضاً الفراش بالعطر الذي يحبه، وقدمي له وجبتك الدسمة من العواطف.
سابعا: اجعلي زوجك في شوق ولهفة بصورة مستمرة…
ثامنا : من المداعبة أن تعطي لزوجك الأكل في فمه وتقولي له أحلى الكلام.
تاسعا: بعد العشاء اصطحبي زوجك إلى غرفة المتعة "النوم"، وعاشريه بلطف ولين وصدق مشاعر..
> في المداعبة، هل هناك محاذير يجب على الزوجين تجنبها في علاقتهما الجنسية؟
ونحن
نتحدث عن المداعبة بين الزوجين والتي هي المقدمة للجماع، لابد من توضيح
بعض المحاذير، وسعيا لتحقيق الطمأنينة والسعادة والإشباع الجنسي بين
الزوجين بطرق سليمة ومفيدة منها، الحذر من تقليد الكفار في طرق المداعبة
والجماع، فما نشاهده على المواقع الإلكترونية من مشاهد جنسية غربية، لا
تعتبر نموذجا يحتذى به، فإنه يوصل في النهاية إلى اللواط أو السحاق ، وهم
يخالفون بذلك الفطرة السليمة في صفوف الرجال والنساء، لهذا علينا أن لا
ننظر إليهم نظرة إعجاب في مجال الممارسة الجنسية والمداعبة. فإن ما يوهمون
به الغير من حصولهم على اللذة ما هو إلا ادعاء وسراب كاذب يكذبه الواقع
المعيش بأكثر من دليل…وأيضا يجب أن ندرك أن آباءنا لا يمثلون الصورة
الحقيقية للإسلام، فلا يكونوا سببا لنفورنا من تعاليم الدين والارتماء في
أحضان تعاليم الغرب من خلال ما نلاحظ من فشل الغالبية الساحقة منهم في
العلاقات الزوجية وخصوصا المداعبة…
> مداعبة الزوجة أثناء الحيض والنفاس
إن
جماع الزوجة وهي حائض محرم بلا خلاف عند أهل العلم، وأما استمتاع الزوج
بالمرأة الحائض فيما فوق السرة وتحت الركبة فجائز بلا خلاف عند أهل العلم
.أما مباشرتها فيما بين السرة والركبة عدا الفرج ، ففيه خلاف بين أهل العلم
. وذهب الجمهور إلى تحريم ذلك ، والراجح الجواز لحديث أَنَسٍ رضي الله عنه
أَنّ الْيَهُودَ كَانُوا، إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ، لَمْ
يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهُنّ فِي الْبُيُوتِ، فَسَأَلَ أَصْحَابُ
النّبِيّ صلى الله عليه وسلم النّبِيّ صلى الله عليه وسلم. فَأَنْزَلَ الله
تَعَالَى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً
فَاعْتَزِلُوا النّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ.." (11) فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ
صلى الله عليه وسلم: "اصْنَعُوا كُلّ شَيْءٍ إِلاّ النّكَاحَ". وفي رواية
لابن ماجه "اصنعوا كل شيء إلا الجماع" (12) ، وهذا دليل على أن المحرم في
حالتي الحيض والنفاس هو الوطء في الفرج.