بقلم د. أحمد أبودولة :
يبدأ الحمل كما هو معروف بالبويضة المخصبة. في الوضع الطبيعي تقوم البويضة الملقحة بتعليق أو زراعة نفسها في بطانة الرحم. في حالة الحمل خارج الرحم يتم زراعة البويضة المخصبة في مكان ما خارج الرحم. في معظم الحالات يحدث الحمل خارج الرحم في أحد القنوات التي تحمل البويضات من المبيض إلى الرحم (قناة فالوب)، و يُعرف هذا النوع من الحمل خارج الرحم بالحمل الأنبوبي. في الحالات الاخرى، يحدث الحمل خارج الرحم في تجويف البطن أو في المبيض أو في عنق الرحم. لا يمكن للحمل أن يستمر بشكل طبيعي في حالة الحمل خارج الرحم، حيث لن تتمكن البويضة المخصبة من البقاء على قيد الحياة، كما أن نمو الأنسجة المتزايد قد يدمر هياكل و أعضاء الأمومة لدى المرأة. في حال اهمال العلاج، قد تحدث حالة فقدان الدم التي تهدد للحياة. لذلك فإن التعرف على اعراض الحمل خارج الرحم وعلاجه في وقت مبكر من الحمل يساعد بشكل كبير في الحفاظ على فرص حدوث حمل صحي في المستقبل.
في بداية مراحل الحمل، قد لا يسبب الحمل خارج الرحم أي علامات أو أعراض. و في حالات أخرى، قد تكون اعراض الحمل خارج الرحم المبكرة مشابهة تماما لعلامات و اعراض الحمل المبكرة الطبيعية؛ و هي غياب الدورة الشهرية و حساسية الثدي و الغثيان. إذا قمت بعمل فحص الحمل المنزلي، فإن النتيجة ستكون ايجابية. و على الرغم من ذلك، لا يمكن أن يستمر الحمل خارج الرحم مثل ما يستمر الحمل الطبيعي.
الشعور بألم في البطن أو الحوض، و نزيف الحمل المهبلي الخفيف غالبا ما تكون أولى العلامات التحذيرية التي تشير إلى حدوث الحمل خارج الرحم. إذا حدث نزيف للدم من قناة فالوب، فمن الممكن أيضا أن يتم الشعور بألم في الكتف أو رغبة ملحة لحركة الأمعاء (التغوط)، و ذلك اعتمادا على المكان الذي يتجمع فيه الدم، أو على أي الأعصاب التي تم تحفيزها. من غير المحتمل أن يكون النزيف المهبلي الثقيل من اعراض الحمل خارج الرحم، إلا إذا كان الحمل خارج الرحم قد حدث في عنق الرحم.
إذا حدث تمزق لقناة فالوب نتيجة الحمل خارج الرحم، فمن المحتمل حدوث نزيف حاد داخل تجويف البطن، و هذا النزيف يكون متبوعا بالدوار ثم الإغماء ثم الصدمة.
يجب التماس العناية الطبية الطارئة إذا كنت تشعرين بأي من علامات أو اعراض الحمل خارج الرحم، و التي تشمل ما يلي:
الحمل الأنبوبي أو البوقي، و هو النوع الاكثر شيوعا من أنواع الحمل خارج الرحم، يحدث عندما تعلق البويضة المخصبة في قناة فالوب عندما تكون في طريقها إلى الرحم، غالبا يحدث ذلك بسبب وجود التهاب أو ضرر أو تشوه في قناة فالوب. قد تكون الاختلالات الهرمونية أو النمو غير الطبيعي للجنين من اسباب الحمل خارج الرحم كذلك. في بعض الأحيان، يبقى السبب الحقيقي لحدوث الحمل خارج الرحم لغزا لا يمكن معرفته.
يقدر عدد حالات الحمل خارج الرحم بحوالي 20 حالة لكل 1000 حالة حمل. هناك عدد من العوامل التي تزيد من خطر حدوث الحمل خارج الرحم و هي تشمل ما يلي:
عند حصول الحمل خارج الرحم، فإن المخاطر تصبح كبيرة. و من دون تلقي العلاج الطبي المناسب للحمل خارج الرحم، فإن أنبوب فالوب المتمزق يمكن أن يؤدي إلى نزيف مهدد للحياة.
إذا كان الطبيب يشتبه في حدوث حمل خارج الرحم، فإنه قد يقوم بعمل الفحص الحوضي للتحقق من وجود ألم أو حساسية أو كتلة في قناة فالوب أو المبيض. إن الفحص البدني وحده لا يكفي عادة لتشخيص الحمل خارج الرحم، حيث يتم تأكيد التشخيص في العادة من خلال عمل فحوصات الدم و فحوصات التصوير، مثل فحص الموجات فوق الصوتية (التراساوند).
في فحص الموجات فوق الصوتية القياسي، يتم توجيه موجات الصوت عالية التردد على الأنسجة في منطقة البطن. أثناء المراحل المبكرة من الحمل، فإن الرحم و قنوات فالوب تكون أقرب إلى المهبل منها إلى سطح البطن، لذلك فإنه من المرجح أن يتم عمل فحص الموجات فوق الصوتية من خلال جهاز يتم ادخاله عن طريق المهبل.
في بعض الاحيان يكون من المبكر جدا الكشف عن الحمل عن طريق الموجات فوق الصوتية. و إذا كان تشخيص الحمل خارج الرحم هو المطلوب، فإن الطبيب قد يقوم بمتابعة حالتك بعمل سلسلة متتابعة من فحوصات الدم حتى يمكن التأكد من وجود أو عدم وجود حالة الحمل خارج الرحم من خلال فحص الموجات فوق الصوتية، و يتم ذلك في العادة من أربعة إلى خمسة أسابيع بعد حدوث الحمل.
في الحالات الطارئة، مثل حالة وجود نزيف حاد على سبيل المثال، قد يتم تشخيص الحمل خارج الرحم وعلاجه جراحيا.
إن البويضة المخصبة لا يمكن أن تنمو و تتطور بشكل طبيعي خارج الرحم. و من أجل منع المضاعفات التي تهدد الحياة، فإنه لا بد من إزالة أنسجة الحمل خارج الرحم.
إذا تم اكتشاف الحمل خارج الرحم في وقت مبكر، يتم أحيانا علاج الحمل خارج الرحم باستخدام حقنة من دواء يُسمى ميثوتركسيت لوقف نمو الخلايا و تحليل الانسجة الموجودة. بعد أخذ هذه الحقنة يقوم الطبيب بمراقبة مستوى هرمون الحمل في الدم (الهرمون الموجهة للغدد التناسلية المشيمائية البشرية – HCG). إذا كان مستوى هرمون HCG لا يزال مرتفعا بعد أخذ حقنة الميثوتركسيت الأولى، فإن المريضة قد تحتاج إلى أخذ حقنة أخرى.
في حالات أخرى، يتم التعامل مع الحمل خارج الرحم وعلاجه باستخدام الجراحة بالمنظار في منطقة البطن. في هذا الإجراء، يتم عمل شق صغير في البطن في السرة أو بالقرب منها. ثم يستخدم الطبيب أنبوب رفيع مجهز بعدسة كاميرا و مصدر ضوئي (المنظار البطني) لعرض هذه المنطقة. يمكن إدراج الادوات الجراحية الأخرى من خلال هذا الأنبوب أو من خلال شقوق صغيرة أخرى في البطن لإزالة أنسجة الحمل خارج الرحم و إصلاح قناة فالوب. في حالة حدوث تلف كبير في قناة فالوب، فإنه قد يكون هناك حاجة إلى إزالته بالكامل.
في حال كان الحمل خارج الرحم يُسبب نزيفا حادا أو كانت هناك تمزق في قناة فالوب، فإنه قد يكون هناك حاجة إلى عملية جراحية طارئة و التي تتم من خلالها ازالة و علاج الحمل خارج الرحم عن طريق فتح البطن جراحيا. يمكن إصلاح قناة فالوب في بعض الحالات، إلا أنه في العادة يجب إزالة قناة فالوب المتمزقة بالكامل. في حالات قليلة، يكون هناك حاجة الى حقن الميثوتركسات بعد الجراحة.
لا يمكن منع حدوث الحمل خارج الرحم نهائيا، و لكن يمكن التقليل من بعض عوامل زيادة الخطر. على سبيل المثال، يمكن اتخاذ التدابير الوقائية و تدابير النظافة الشخصية العامة و تجنب إقامة علاقات غير مشروعة للحد من و منع العدوى المنقولة جنسيا و الحد من مخاطر الاصابة بمرض التهاب الحوض.
إذا كنت قد أصبت بالحمل خارج الرحم في السابق، فإنك قد تحتاجين إلى استشارة الطبيب قبل محاولة الحصول على حمل مرة أخرى. حيث أنه عند حدوث الحمل التالي لديك، فإن الطبيب سوف يقوم بمراقبة حالتك بدقة. حيث يمكن لاختبارات الدم و التصوير بالموجات فوق الصوتية في وقت مبكر أن تُمكن الطبيب من الكشف المبكر عن حدوث حالة أخرى من الحمل خارج الرحم، أو الاطمئنان إلى أن الحمل لديك يتطور بشكل طبيعي.
إن خسارة الحمل يعتبر أمرا محبطا للمرأة و يسبب الحزن العميق و الاكتئاب، حتى لو تم اكتشاف ذلك قبل أيام قليلة فقط. إن تفهم الموقف و مقدار الخسارة، و اعطاء النفس وقتا كافيا للحزن و امتصاص الصدمة يعتبر امرا مهم لتجاوزها. قومي بالافصاح عن مشاعرك و التعبير عنها بشكل كامل. و اعتمدي على شريك حياتك، و الأحباء و الأصدقاء للحصول على الدعم و المساندة. قد يكون هناك حاجة للحصول على مساعدة ايضا من طبيب نفسي أو غيره من مقدمي الصحة النفسية.
معظم النساء اللاتي عانين من حالات الحمل خارج الرحم في الماضي يقدمن على متابعة المحاولة في الحصول على حالات حمل صحية أخرى. إذا كانت إحدى قناتي فالوب مصابة بضرر أو تمت إزالتها بالكامل، فإنه يمكن تلقيح البويضة في الأنبوب الآخر قبل وصولها إلى الرحم. إذا كان الضرر قد لحق بكلتا قناتي فالوب أو تمت إزالة كلتا القناتين بالكامل، فإن التخصيب في المختبر أو التلقيح الصناعي (IVF) قد يكون خيارا في هذه الحالات. في هذا الإجراء، يتم إخصاب بويضات ناضجة في المختبر ثم يتم زرعها مجددا في الرحم.
إذا اخترت متابعة محاولة الحصول على حمل بعد الاصابة بالحمل خارج الرحم، قومي بمراجعة الطبيب أولا، حيث أن المراقبة الحثيثة للحمل في هذه الحالة باستخدام فحوصات الدم و التصوير بالموجات فوق الصوتية المبكرة أمر ضروري للتأكد من سلامة تطور الحمل و استبعاد الاصابة بالحمل خارج الرحم مرة أخرى، أو اكتشاف وجوده في مرحلة مبكرة من الحمل.